M@BrOuKi
M@BrOuKi
M@BrOuKi
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


‗_ღ التمـيز عنـوآننـآ.♥.المـحبـه شعـآرنـا .♥. الإرتقاء هدفنا..♥..نلتقي لنرتقي ღ_‗
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عابر سرير 7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
MàBrOuKi
Admin
MàBrOuKi


عدد المساهمات : 380
تاريخ التسجيل : 21/04/2012
العمر : 27
الموقع : https://www.facebook.com/mabrouki.imane

عابر سرير 7 Empty
مُساهمةموضوع: عابر سرير 7   عابر سرير 7 Emptyالأحد يوليو 29, 2012 8:36 am

عندما عادت فرانسواز إلى البيت, وجدتني أعيد الاستماع إلى تسجيل حوارنا.
سألتني إن كنت أفرغ الشريط قصد كتابة المقال. أجبتها أنني أفرغه لأمتلأ به. فلم يكن في الواقع في نيتي أن أكتب أي مقال. ولا توقعت يومها أنني , كمن سبقني إلى ذلك الرجل, سأرتق أسمال ثوب ذاكرته في كتاب!
***
دفع واحدة, قررت الحياة أن تغدق عليك بتلك المصادفات المفجعة في سخائها, حد إرعابك من سعادة لم تحسب لها حساباً. لم أكن أصدق لقائي بزيان حتى كنت في اليوم التالي أتعرف على ناصر.
أكان في الأمر وما سيليه من مصادفات أخرى.. مصادفة حقاً؟
" المصادفة هي الإمضاء الذي يوقع به الله مشيئته". ومشيئته هي ما نسميه قدراً.
وكان في تقاطع أقدارنا في تلك النقطة من العالم أمر مذهل في تزامنه. لن أعرف يوماً إن كان هبة من الحياة أو مقلباً من مقالبها.
كل ما أدريه أنني مذ غادرت الجزائر ما عدت ذلك الصحافي ولا المصور الذي كنته. أصبحت بطلاً في رواية, أو في فيلم سينمائي يعيش على أهبة مباغتة؟ جاهزاً لأمر ما.. لفرح طارئ أو لفاجعة مرتقبة.

نحن من بعثرتهم قسنطينة, ها نحن نتواعد في عواصم الحزن وضواحي الخوف الباريسي.
حتى من قبل أن نلتقي حزنت من أجل ناصر, من أجل اسم أكبر من أن يقيم ضيفاً في ضواحي التاريخ, لأن أباه لم يورثه شيئاً عدا اسمه, ولأن البعض صنع من الوطن ملكاً عقارياً لأولاده, وأدار البلاد كما يدير مزرعة عائلية تربي في خرائبها القتلة, بينما يتشرد شرفاء الوطن في المنافي.
جميل ناصر. كما تصورته كان. وجميلاً كان لقائي به, وضمة منه احتضنت فيها التاريخ والحب معاً, فقد كان نصفه سي الطاهر ونصفه حياة.
بدا مراد أسعدنا. كان يحب لم شمل الأصدقاء. وكان دائم البحث عن مناسبة يحتفي فيها بالحياة.
كانت شقته على بساطتها مؤثثة بدفء من استعاض بالأثاث الجميل عن خسارة ما, ومن استعان بالموسيقى القسنطينية ليغطي على نواح داخلي لا يتوقف.
سألته متعجباً:
- متى استطعت أن تفعل كل هذا؟
رد مازحاً:
- أثناء انشغالك بالمعارض التشكيلية!
فهمت ما يقصد.
- والأغاني القسنطينية, من أين أحضرتها؟
- اشتريتها من هنا. تجد في الأسواق كل الأغاني من الشيخ ريمون وسيمون تمار حتى الفرقاني. يهود قسنطينة ينتجون في فرنسا معظم هذه الأشرطة.
رحت أسأل ناصر عن أخباره وعن سفره من ألمانيا إلى باريس إن كان وجد فيه مشقة.
رد مازحاً:
- كانت الأسئلة أطول من المسافة! ثم أضاف: أقصد الإهانات المهذبة التي تقدم إليك من المطارات على شكل أسئلة.
قال مراد مازحاً:
- واش تدير يا خويا.. " وجه الخروف معروف!"
رد ناصر:
- معروف بماذا؟بأنه الذئب؟
أجاب مراد:
- إن لم تكن الذئب, فالذئاب كثيرة هذه الأيام. ولا أدري سبباً لغضبك. هنا على الأقل لا خوف عليك ما دمت بريئاً. ولا تشكل خطراً على الآخرين. أما عندنا فحتى البريء لا يضمن سلامته!
رد ناصر متذمراً:
- نحن نفاضل بين موت وآخر, وذا وآخر, لا غير. في الجزائر يبحثون عنك لتصفيتك جسدياً. عذابك يدوم زمن اختراق رصاصة. في أوربا بذريعة إنقاذك من القتلة يقتلونك عرياً كل لحظة, ويطيل من عذابك أن العري لا يقتل بل يجردك من حميميتك ويغتالك مهانة. تشعر أنك تمشي بين الناس وتقيم بينهم لكنك لن تكون منهم, أنت عار ومكشوف بين الناس بسبب اسمك, وسحنتك ودينك. لا خصوصية لك برغم أنك في بلد حر. أنت تحب وتعمل وتسافر وتنفق بشهادة الكاميرات وأجهزة التنصت وملفات الاستخبارات.
قال مراد:
- وهذا يحدث لك أيضاً في بلادك.
وكما لينهي الجدل وقف ليسألنا:
- واش تحبوا تاكلوا يا جماعة؟
سعدت بالسؤال. لا لجوعي, وإنما رغبة في تغيير نقاش لا يصلح بداية لجلسة.
ضحكت في أعماقي لما ينتظر ناصر المسكين من مجادلات ومشاكسات يومية مع مراد الذي أقصى تضحية قد يقوم بها إكراماً لضيفه: امتناعه عن تناول الكحول في حضرته. وقبل أن نجيبه قصد مراد المطبخ وعاد بصحن من الصومون وآخر من الأجبان والمخللات. قال وهو يضعها على الطاولة:
- هزوا قلبكم.. قبل العشاء.
اقترحت أن نطلب بيتزا إلى البيت حتى لا نتحول إلى فئران بيضاء في مختبر مراد للطبخ.
قال ناصر ممنياً نفسه بوليمة:
- عندما تأتي امّا ستعد لنا أطباق قسنطينية تغير مذاق الهمبرغر الأماني في فمي.. كم اشتقت لأكلنا..
رد عليه مراد مازحاً:
- دعك يا رجل من الطبخ الجزائري وإلا أصبحت حقاً إرهابياً.
مواصلاً بمزاح:
- أتدري أنه قد صدر كتاب مؤخراً في أمريكا يثبت علاقة بعض أنواع الأكل بالنزعات الإجرامية.. لو اطلع عليه مسؤولونا لوجدوا أنه من واجب الحكومة أن تتدخل بعد الآن في ما يأكله الجزائريون بذريعة أن الإرهاب عندنا يتغذى أولاً من المطبخ الجزائري.
ونظراً لنبرته الجادة سألته:
- أحقاً ما تقول؟
أجاب:
- طبعاً.. أرأيتم شعباً مهووساً بأكل الرؤوس " المشوشطة" مثل الشعب الجزائري؟ حتى في فرنسا ما تكاد تسأل جزائرياً ماذا تريد أن تأكل حتى يطالبك " ببزلوف". ترى الجميع وقوفاً لدى جزار اللحم الحلال ليفوز برأس مشوي لخروف.. أو رأسين يعود بهما إلى البيت, وإن لم يجده أصبح طبقه المفضل لوبيا " بالكراوع". والله لو أن غاندي نفسه اتبع لشهر واحد ريجيم المطبخ الجزائري المعاصر وتغذى " بوزلوف" وتعشى " كراوع" لباع عصاه ومعزاه واشترى كلاشينكوف!
ضحكنا كثيراً لكلام مراد. قاتله الله. يا لجمال روحه المرحة. إنه نموذج لشعب أنقذته سخريته من الموت.
قلت مواصلاً جدله المازح:
- ربما بسبب استهلاكنا الزائد للكراوع لا نفكر سوى بالهروب ومغادرة الجزائر نحو أية وجهة.
قاطعني مستشهداً بمثل قسنطيني:
- وبسبب إقبالنا على "بوزلوف" أصبحنا " مثل الراس المشوشط.. ما فينا فير اللسان"!

حين جاء ( ساعي البيتزا) يوصل ما طلبناه بالهاتف, بذريعة علاقة الأكل الجزائري بالنزعات الإجرامية. خاصة أن البيتزا ولدت في بلد المافيا, وهي بحكم جيناتها الإيطالية ليست بريئة إلى هذا الحد!
ذلك الفرح الجميل النادر الذي جمعنا, لم ينسني الموضوع الذي كان وحده يعنيني, فاستدرجت ناصر إلى مزيد من الأخبار قائلاً:
- آن للحاجة أن تحضر, صعب على الذي تربى على ولائم الأمومة أن يرضى بشريحة بيتزا. وإن كان يعز على نفسي ما ستتحمله المسكينة في هذا العمر من عذاب السفر.
ثم واصلت سائلا:
- هل ستقيم هنا معك ؟
- لا.. ستسكن مع أختي في الفندق. لكنها ستزورني هنا حتماً.. لا أدري بعد كيف ستتم الأمور.
قال الشيء الوحيد الذي كنت أريد معرفته. والباقي كان مجرد تفاصيل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mabrouki.yoo7.com
 
عابر سرير 7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عابر سرير 8
» عابر سرير 1
» عابر سرير 2
» عابر سرير 3
» عابر سرير 4

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
M@BrOuKi :: حديـــــــــــــــــــــــــقة الادب و قصص و حكايات-
انتقل الى: